في إحدى الثانويات الواقعة في مدينة صغيرة، كانت فتيحة مستشارة التوجيه التربوي تعمل بجدٍّ وشغف لمساعدة التلاميذ على اختيار مساراتهم الدراسية والمهنية. كانت امرأة ذكية، حازمة، ولكنها تحمل قلبًا دافئًا، تحرص على مصلحة التلاميذ وتضع ضميرها المهني فوق كل اعتبار.
أما ..، مدير المؤسسة، فكان رجلاً صارمًا في عمله لكنه يحمل حسًّا إنسانيًا عاليًا. معروفٌ بحرصه على الانضباط وسير المؤسسة بسلاسة، ولكنه كان أيضًا منفتحًا على الحوار ويؤمن بأن الإدارة الناجحة تحتاج إلى روح الفريق.
بدأت القصة حين وجد كلاهما نفسيهما في مواقف عمل متكررة، خاصة عند التعامل مع حالات التلاميذ المعقدة. كثيرًا ما كانت فتيحة تدافع عن بعض التلاميذ الذين يواجهون صعوبات دراسية أو اجتماعية، بينما كان المجير يرى الأمور من منظور إداري بحت، مما أدى إلى بعض النقاشات الحادة بينهما. لكن مع مرور الوقت، تحولت تلك المواجهات إلى احترام متبادل، ثم إلى إعجاب خفي.
كانت هناك لحظات خاصة بينهما، لحظات غير مقصودة ولكنها مليئة بالمشاعر الصامتة:
عندما كانا يجتمعان في مكتب المدير بعد انتهاء الدوام، يناقشان حالات التلاميذ المتعثرين، كانت نظراتهما تلتقي أحيانًا، وتكشف أكثر مما تقوله الكلمات.
في أحد الأيام، وخلال يوم توجيهي مزدحم، لاحظت فتيحة أن المديرظل في الإدارة حتى وقت متأخر، يساعدها في تنظيم الملفات رغم أنه لم يكن مضطرًا لذلك. عندما شكرته، اكتفى بابتسامة وقال: "العمل معكِ يجعل الأمور أسهل."
في مناسبة عيد المرأة، وبينما كان يوزع الورود على الموظفات، لاحظت أن وردتها كانت مختلفة قليلًا، وكأنها اختيرت بعناية أكبر.
لكن لم يكن الأمر سهلًا، فبيئة العمل لم تكن ترحم. الهمسات بدأت تنتشر بين الزملاء، وبعضهم كان يرى أن العلاقة بينهما قد تؤثر على قرارات العمل. فتيحة كانت تخشى أن يؤثر ذلك على مصداقيتها المهنية، أما المدير فكان يدرك أن أي خطوة غير محسوبة قد تجر عليه انتقادات هو في غنى عنها.
ذات يوم، وخلال اجتماع رسمي مع الطاقم التربوي، دافعت فتيحة عن مشروع جديد لدعم التلاميذ المتعثرين، وهو مشروع كان المدير مترددًا في قبوله بسبب نقص الموارد. لكن حين رآها تدافع عنه بشغف، أدرك أن حبها لعملها يشبه حبه لنجاح المدرسة. ابتسم وقال أمام الجميع: "إذا كنتِ تؤمنين به لهذه الدرجة، فليكن. لنبدأ بتنفيذه!"
تلك اللحظة، فهمت فتيحة أن المدير ليس فقط رجل إدارة، بل شخص يقف بجانبها. ومع الوقت، لم تعد العلاقة مجرد نظرات أو إشارات غير مباشرة، بل أصبحت أقوى وأوضح، رغم كل التحديات.
هل سيقرر المدير أن يأخذ خطوة رسمية؟ وهل ستتغلب مشاعرهما على قيود بيئة العمل الصارمة؟ تلك قصة أخرى...
التعليقات على الموضوع